الحكم الشرعي في العصيان المدني الإضراب العام وهو العصيان المدنى يظنه البعض شلل تام فى مظاهر الحياة كلها
وهو ظن خاطىء فهناك أعمال لا يمكن توقفها مثل المخابز والمطاعم ومحطات
المياه والمشافى وإلا كان المضربون مجموعة من المجانين فالمضربون يحتاجون
للطعام والشراب فى أماكن إضرابهم حتى يستطيعوا الاستمرار فى إضرابهم .
لم يحدث فى التاريخ إضرابا عاما بالظن الخاطىء الذى يظنه الناسوالإضرابات
العامة يوجد من يخالفها وعددهم ليس بالقليل فى كل حالة والإضرابات العامة
تكون فى المدن بوجه عام حيث تتواجد مؤسسات السلطة وأما فى الريف حيث لا
توجد مؤسسات للسلطة (ويقصد بها الشرطة والجيش والأجهزة الأمنية) فإن
الإضرابات تكون غير ظاهرة حيث يخرج معظم الناس للعمل .
الإضراب العام التام هو محرم حيث بؤدى إلى موت الناس ومرضهم حيث مثلا لا
يجد المرضى من يداويهم من الأطباء والممرضين والممرضات ولا يجد الصغار من
يطعمهم أو يغطيهم الشراب وهو يدخل ضمن قوله تعالى :"وما جعل عليكم فى الدين
من حرج "أى أذى وأى أذى أعظم من قتل الناس وتجويعهم وتعطيشهم ؟
الإضراب العام يعنى تعطيل المصالح العامة عدا الضرورية منها;مثل (الطعام -
الماء-الكهرباء - العلاج - سيارات الاسعاف -المطافىء )وهو حلال إذا كانت
السلطة ظالمة لا تريد تغيير المنكر الممثل فى عدم العدالة الاجتماعية
وبطالة الناس فهو نوع من رد الفعل على الظلم أباحه الله إذا كان سيأتى
بنتيجة كما قال تعالى بسورة الشورى "والذين إذا أصابهم البغى هم ينتصرون
وجزاء سيئة سيئة مثلها"
وقد أباح الله للمظلومين التنازل عن حقهم فى الانتصار بوسائل تغيير المنكر
المختلفة فقال فى الآية السابقة "فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب
الظالمين "
كما أن الله أباح للمظلومين أخذ حقوقهم بالقوة وهى الانتصار على الظلم فقال
فى نفس السورة وراء تلك الآيات "ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من
سبيل " فمن أخذ حقه لا سبيل أى لا عقاب عليه عند الله لا فى الدنيا ولا فى
الأخرة وأما السبيل وهو العقاب فهو ظالمى الناس الذين يأكلون حقوقهم ولا
يريدون أن يعطوهم إياها وفيهم قال تعالى وراء تلك الآيات مكملا كلامه"إنما
السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون فى الأرض يغير الحق "
كما أباح للمظلومين سب وشتم تلك السلطات الظالمة دون عقاب فقال بسورة النساء "إن الله لا يحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم "
الوضع المصرى كما فى بقية بلادنا هو وضع الظلم فهناك من يعيشون عيشة
الرفاهية وهناك من يعيشون على خط الفقر وتحته والمشكلة أنهم يمثلون أكثر من
نصف الشعب ورغم وجود الثورة فلم يتغير شىء فالحكومات المتوالية منذ قيام
الثورة ما زالت تدور فى دائرة مفرغة فالحلول أمامها ولكنها لا تريد أن
تنفذها إما خوفا على مصالحها ومصالح من عينوها وإما خوفا من الخارج وخوفا
من بقايا النظام .
الاضراب التى دعت له بعض الحركات والائتلافات لن ينجح لعدة أسباب أولها أن
الشعب المصرى غالبا لا يكمل حتى نهاية الطريق حدث هذا فى إضراب المعلمين
الأول حيث كان ناجحا ثم فشلت الاضرابات التالية نتيجة الفقر فالمضرب قد
يكون معه مال يطعمه هو وأسرته أسبوعا أو أسبوعين ومن ثم لن يشارك بعدها
لأنه يريد مالا للانفاق كما أن بعض من يريد الاضراب لا يجد أجرة المواصلات
وثانيها أن الناس ملوا من كثرة الاضرابات والاعتصامات والقتل والجرح والضرب
وأصبحت العادة هى أن يتفرجوا لا أن يشاركوا وثالثها أن بعض الجهات الداعية
للإضراب تخدم نفسها أو تخدم أطرافا خارجية فبعض الحركات وجدت الثورة
ثمارها خرجت من يدها بعدم حصولها إلا على عدد قليل جدا من مقاعد مجلس الشعب
ومن ثم لن يكون له دور فى الحياة السياسية وهى تريد أن تغطى على خيبتها
بالإضرابات كما أن بعض منها يريد التغطية على قضية التمويل الأجنبى
للجمعيات والمنظمات الأهلية والمنظمات الأجنبية التى تعمل دون ترخيص حتى لا
تدرج أسماء البعض منهم ضمن القضية التى أمام القضاء
وأما الطرف الأكبر فى الاضراب فهو العمال والموظفين الذين يضربون للتعبير
عن الظلم الحادث لهم من الحكومة والقطاع الخاص فى الأجور فالحد الأدنى لم
يطبق حتى بعد مرور أكثر من سنة على الثورة وما زالت الحكومات المتوالية
تعمل على اعطاء أصحاب الأجور الأعلى أجورهم العليا وتهمل أصحاب الأجور
الدنيا .
هى حالة مشروعة دفاعا عن قوت العيال وأما أهل السياسة فأغراضهم مختلفة ومن
اراد منهم دفع الظلم عن العباد فإضرابه حلال وأما من أراد أن يضرب لأغراض
شخصية وعمالة للخارج فإضرابه محرم