السلام عليكم
**************
الضابط الأول: أن يأذن لها وليها – زوجاً كان أم غير زوج – بالعمل، وبدون موافقة وليها لا يجوز لها العمل؛ لأن الرجل قوام على المرأة، كما قال الله _تبارك وتعالى_:" الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ"(69)، إلا إذا منعها نكاية بها وظلماً مع حاجتها للعمل، فلا إذن له.
الضابط الثاني: ألا يكون هذا العمل الذي تزاوله صارفاً لها عن الزواج - الذي حث عليه الإسلام وأكده- أو مؤخراً له بدون ضرورة أو حاجة.
الضابط الثالث: أن الإسلام يحث على الإنجاب وكثرة النسل، والأدلة على ذلك كثيرة، كما قال _عز وجل_:" وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ"، فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تجعل العمل صارفاً لها عن الإنجاب بحجة الانشغال بالعمل.
الضابط الرابع: ألا يكون هذا العمل على حساب واجباتها نحو زوجها وأولادها وبيتها، فعمل المرأة أصلاً في بيتها – كما سبق بيان ذلك -، وخروجها للعمل لا يكون إلا لحاجة وضرورة.
الضابط الخامس: ألا يكون من شأن هذا العمل أن يحملها فوق طاقتها، قال _تعالى_: "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا".
الضابط السادس: أن يكون عملها لحاجة، وتكون في حاجة للعمل، إذا لم يكن هناك من يقوم بالإنفاق عليها من زوج أو ولي، وأما إذا كان هناك من يقوم بالإنفاق عليها، فليست في حاجة للعمل، وإذا لم تكن في حاجة فلا داعي أن تعمل، إلا إذا كانت هناك مصلحة عامة تستدعي العمل، مثل أن يكون عملها من قبيل فروض الكفاية، كتدريس بنات جنسها ووعظهن، ومعالجتهن، أو أي عمل آخر يتطلب تقديم خدمة عامة للنساء، أو يكون من وراء عملها مصلحة خاصة، كإعانة زوج أو أب أو أخ.
ومما يدل على أن عملها مقيد بالحاجة: قوله _تعالى_: "وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ".
ووجه الدلالة قوله _تعالى_: "وأبونا شيخ كبير"، فهو يدل بمنطوقه على أن علة عمل المرأتين عجز وليهما عن الرعي والسقاية، ويفهم من هذا أن عمل النساء مقيد بالحاجة.
الضابط السابع: أن يكون عمل المرأة مشروعاً، والعمل المشروع: ما كان متفقاً مع كتاب الله وسنة رسوله _صلى الله عليه وسلم_، مثل: البيع والشراء، والخياطة، والتعليم، والتعلم، ومزاولة الطب – خاصة أمراض النساء -، والدعوة إلى الله.
وأما الأعمال غير المشروعة، فهي: كل عمل ورد النهي بخصوصه في الشريعة الإسلامية، ومثاله: عمل المرأة في المؤسسات الربوية، ومصانع الخمور، والرقص والغناء والتمثيل المحرم، ومزاولة البغاء، وأي عمل يكون فيه خلوة أو اختلاط محرمان.
الضابط الثامن: أن يتفق عمل المرأة مع طبيعتها وأنوثتها وخصائصها البدنية والنفسية، مثل الأعمال المشروعة التي ذكرت آنفاً، وأما الأعمال التي لا تتفق مع طبيعتها ولا أنوثتها، مثل: العمل في تنظيف الشوارع العامة، وبناء العمارات، وشق الطرق، والعمل في مناجم الفحم، وغيرها من الأعمال الشاقة، فلا يجوز لها أن تمارسها؛ لأن ممارستها يعد عدواناً على طبيعتها وأنوثتها، وهذا لا يجوز.
الضابط التاسع: أن تخرج للعمل باللباس الشرعي الساتر لجميع جسدها، بأوصافه وشروطه.
قال تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا".
وقال تعالى: "وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ".
الضابط العاشر: أن تغض البصر:
قال تعالى: "وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ... الآية".
الضابط الحادي عشر: ألا تخالط الرجال الأجانب، فلا يجوز للمرأة العاملة أن تخالط الرجال الأجانب، وأي عمل يقوم على المخالطة يعد عملاً محرماً، لا يرضاه الله ولا رسوله _صلى الله عليه وسلم_، وقد سبق ذكر الأدلة التي تحرم اختلاط النساء بالرجال الأجانب عنهن، كما سبق ذكر الآثار الخطيرة والسيئة التي ترتبت على اختلاط النساء بالرجال في أماكن العمل، والتي يأتي في مقدمتها المعاكسات والمضايقات الجنسية – فضلاً عن الاتصالات الجنسية المحرمة التي تكون بالتراضي بين الطرفين.
فإذا ما توافرت هذه الشروط جاز للمرأة للمسلمة العمل وإلا ... فلا.