فى عام سمى بعام الحزن , رحل فية عن الدنيا عم الرسول صلى الله عليه و سلم
أبو طالب الذى كان حصنه المنيع و ناصره الوحيد , و فى أخر أيام ابى طالب عم
النبى صلى الله عليه و سلم كان سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم يدعوه
دائماً للإسلام لله الواحد الأحد و كان الرسول صلى الله عليه و سلم يحب عمه
حباً شديداً و كان دائماً ما يقول له يا عماه , قول أشهد أن لا إله إلا
الله أشفع بها لك عند ربى , و لكن أراد الله تعالى أن ينهى حياه ابى طالب و
هو على الكفر ففى أخر يوم و فى حالة مرضة الشديد و قبل موتة بلحظات جاءة
سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و كان ابو جهل قد ذهب هو الأخر لأبى طالب ,
فقال له سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم يا عماه : قل أشهد أن لا إله إلا
الله أشفع لك بها عند الله , فكاد أبى طالب يقولها و لكن رأس الكفر ابو جهل
قال له : يا ابا طالب : أتُسلم و تدخل فى دين محمد و يقول الناس أن كبير
مكة و قائدها دخل فى دين محمد قبل موتة ؟ فتردد ابى طالب و لكنة مات على
كفره و حزن عليه الرسول صلى الله عليه و سلم حزناً شديداً لأنه كان حصنه و
كان يدافع عنه دائماً , ثم بعدها بقليل توفيت زوجته الوفيه السيدة خديجة
رضى الله عنها و كانت أقرب الناس إلية فكانت تواسيه فى حزنه و كان صلى الله
عليه و سلم يحبها حباً شديداً و أنزل الله جبريل عليه السلام قبل موت
خديجة للرسول صلى الله عليه و سلم يقول له يا محمد : إن الله يُقرأ خديجة
السلام و يبشرها بقصر من قصب (( لؤلؤ )) فى الجنة ثم ماتت السيدة خديجة , و
لذلك سماه الرسول صلى الله عليه و سلم عام الحزن لأن عمه اعطاه الصمود و
زوجته خديجة اعطته الحب و روح الصعود و كانت أول من آمنت برسالته , و لعل
الله تعالى قدر ذلك ليقول لسيدنا محمد صلى الله عليه و سلم أن ما كان يحميك
الأن قد مات و أن من كانت تعطيك الحنان الأن قد ماتت و ها أنت الأن يا
محمد صلى الله عليه و سلم بين حب الله تعالى و بين حمايته , أما عن قريش
فقد أنتهزت قريش عام الحزن و اشتد إيذاؤها للرسول صلى الله عليه و سلم و
أصحابه رضى الله عنهم , فخرج بعد ذلك إلى الطائف بقبيلة ثقيف و دعوتها إلى
الهداية و لكن هذة القبيلة جاملت قريش و أمرت سفهائها أن يؤذوا محمد صلى
الله عليه و سلم فشكا إلى الله تعالى مستغيثاً بدعائه المشهور (( اللهم إنى
أشكو إليك ضعف قوتى و قلت حيلتى و هوانى على الناس , برحمتك أستغيث , انت
رب المستضعفين و أنت ربى , إلى من تكلنى ؟ إلى بعيد يتجهمنى أم إلى عدو
ملكتة أمرى ؟ أسألك بنور وجهك الكريم الذى أشرقت به الظلمات و صلح به أمر
الدنيا و ألآخرة من أن يحل بى غضبك أو أن ينزل على سخطك , لك العتبى حتى
ترضى و لا حول ولا قوه إلا بك )) ثم عاد صلى الله عليه و سلم بعدها إلى مكة
, و بعدها أرسله ربه سبحانه و تعالى إلى رحله السعادة و المتعة (( رحلة
الإسراء و المعراج )) .